pregnancy

البعث - ليو تولستوي -

%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%b9%d8%ab-%d9%84%d9%8a%d9%88-%d8%aa%d9%88%d9%84%d8%b3%d8%aa%d9%88%d9%8a-1

تعود بذرة هذا العمل إلى عام 1887. وهي تُولَد من حدث واقعي. كانت لتولستوي آنذاك علاقات ممتازة مع النائب العام «أناتول فيدوروفتش كوني» (1840 -1918). وهو حقوقي شهير، ذو فكر متحرر، ونزاهة خلقية عظيمة، وأفضل ممثل للحقوقيين الروس من جيل 1860. ولقد أوتي موهبةً أدبية حقيقية، فنشر مرافعاته كما نشر مذكراته، ولاقت نجاحاً كبيراً. وهو الذي قصّ ذات يوم على تولستوي واقعة مؤثرة من حياته القانونية: زاره شاب من المجتمع الراقي أراد أن يسلّم ظرفاً مختوماً إلى إحدى السجينات. وأبت الإدارة عليه ذلك، فقصد النائب العام «كوني» يطلب عونه. اهتم كوني بالأمر وعلم أن تلك السجينة مومس اسمها «روزالي أوني»، وأنها محكومة بسبب سرقتها مئة روبل. لكن كانت وراء ذلك قصة طويلة: لقد كانت «روزالي» فلاحة صغيرة يتيمة اشتغلت خادمة لدى سيدة ثرية دللتها. فأغراها ابن تلك السيدة -وهو الشاب الذي قصد النائب العام- وحملتْ منه، وما لبثت أن طُردت من البيت وغرقت شيئاً فشيئاً في الدعارة. وإذ اتُهمت ذات يوم بالسرقة، أُحيلتْ إلى المحكمة التي كان بين محلّفيها ذلك العشيق القديم، فحُكم عليها بالسجن. وعندما تعرّف العشيق على تلك الفتاة التي أغواها قديماً، عضّه الندم لأنه دفعها إلى طريق الهلاك، وعرض عليها الزواج ليكفّر عن خطيئته. لكن البائسة أصيبت بالتيفوس الذي كان يفتك بالسجن حينئذ، وماتت في المشفى، قبل أن يتم الزواج.
تأثر تولستوي بهذه القصة الحقيقية، والأخلاقية على نحو شديد العمق. وإنما اشتد تأثره لأن حدثاً مشابهاً وقع له أثناء شبابه الذي بعد العهد به. ونحن نملك بهذا الصدد شهادة ثمينة من كاتب سيرته «بيريوكوف». فقد روى «بيريوكوف» بالفعل أن الكاتب ابن الثمانين قد أسرّ إليه في آب 1910 قبيل موته قائلاً: أنت لا تكتب عني إلا ما هو حسن. وهذا غير صحيح وغير تام. يجب أن تقول أيضاً ما هو سيئ. وأنا إذ أحدّثك حديثي لكاتب سيرتي، أرجوك أن تُثْبت في سيرتي بعض الأحداث وهي، أولاً، صلتي بفلاحة من قريتي قبل أن أتزوج. ويمكن أن نجد إشارة إليها في قصتي «الشيطان»، وثانياً الجريمة التي ارتكبتُها بحق الوصيفة «ماشا» التي كانت تقطن في بيت عمتي. كانت عذراء وأغويتها. فطُرِدَت وسقطت. وعندما نقارن بين ما رواه بيريوكوف وحبكة «البعث»، فسوف نرى كل ما يدخل في العلاقة بين نيكليودوف وكاتيوشا من سيرة ذاتية. ويقول كاتب سيرته أيضاً: «وهكذا نستطيع أن نفسّر شغف تولستوي بهذا الموضوع، وذلك الاندفاع الذي أراد به أن يُنهي وينشر هذه الرواية، حتى قبل القصص التي كان قد بدأها». كانت «جريمته» تُثقل كاهله، وكأنه أراد أن يكفّر عنها، وهو يعترف بها علانية.
شكرا لتعليقك